لم تعد المسألة تكمن في الأمتار القليلة الفاصلة عن موعد انتهاء المهلة الرسمية لتسجيل اللوائح في وزارة الداخلية. منتصف ليل الاثنين-الثلثاء ستدخل القوى السياسية و”جيش” المرشحين المغامرين، بعد إتمام مرحلة “التشكيل”، مدار البحث عن الفوز المضمون في ثنايا قانون فرض على الجميع كسر قواعد اللعبة والمنطق في التحالفات الى حدّ الهذيان الانتخابي!
لم تشذّ دائرة بيروت الثانية، معقل رئيس الحكومة الانتخابي، عن زميلاتها في تركيب لوائح فَرضَ “منطق المصلحة” وحده شروطه عليها. مفاوضات اللحظات الأخيرة رَست على المشهد الآتي: 8 لوائح بِهِمّة تشتّت المعارضة البيروتية!
لم يستطع “حزب الله” مراعاة الحزب السوري القومي الاجتماعي، حليفه في الدوائر الاخرى، فـ”طار” مرشحه عن المقعد الانجيلي على لائحة 8 آذار فارس سعد، وعوّض على “حليف الخط” بمرشح أرثوذكسي على لائحة “حزب الله” – نقولا فتوش في زحلة هو ناصيف التيني.
حتى الآن لم يعرف لمَن سيجيّر “القومي” أصواته في العاصمة (أكثر من 2000 صوت)، هل سيصوّت للائحة “الثنائي الشيعي” أم للائحة “صوت الناس” (حركة “الشعب”-“المرابطون”- “بدنا نحاسب”)؟.
واقعٌ مَهّد له الوزير جبران باسيل عبر فرض تبنّي مرشحه عن المقعد نفسه إدغار طرابلسي، إضافة الى فرض شرط عدم التحاق أي أرثوذكسي باللائحة منعاً لتشتّت الأصوات التفضيلية. في المقابل، تفيد معلومات أنّ “حزب الله” اصطدمَ برفض الوزير السابق بشارة مرهج دخول اللائحة تفادياً للإحراج، بعد تبنّي الحريري ترشيح نسيبه المتموّل نزيه نجم على لائحته عن المقعد الارثوذكسي.
*بالنتيجة، رَست لائحة 8 آذار (لائحة “وحدة بيروت”) على تبنّي ترشيح ثلاثة من السُنّة فقط على اللائحة من أصل ستة، همّ: مرشّح جمعية المشاريع الخيرية الاسلامية (“الأحباش”) عدنان طرابلسي ومحمد بعاصيري وعمر غندور.*
المرشحان عن المقعدين الشيعيين أمين شري (حزب الله) ومحمد خواجة (حركة “أمل”)، ومرشّح “التيار الوطني الحرّ” إدغار الطرابلسي. لا مرشح درزياً على اللائحة بناء على اتفاق مسبق بين الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط أتاحَ التبادل بين حاصبيا وبيروت، وبالتالي ثبَّت رئيس “اللقاء الديموقراطي” مرشّحه فيصل الصايغ على لائحة الحريري بلا منافس يُذكر.
وتفيد معلومات أنّ “الاحباش” ضغطوا لعرقلة إدخال أسماء سُنية وازنة الى اللائحة، كذلك تردّد أنّ اتفاقاً ضمنياً تمّ بين الحريري و”الاحباش”، بعد تنظيم الخلاف بينهما، على عدم محاولة الخرق إلّا بمقعد “الاحباش”، إضافة الى المقعدين الشيعيين كتحصيل حاصل!
وبالتأكيد، فإنّ لائحة “صوت الناس”، التي أعلنت الاسبوع الماضي، والمقدّر حجمها بنحو 7 آلاف صوت، ستأكل من صحن لائحة 8 آذار حيث لم تؤدّ المفاوضات الى توحيد الجهود لمواجهةٍ أقوى وأصلب ضد لائحة الحريري.
لائحة “المستقبل” التي أعلنت رسمياً أمس، والمكتملة بـ 11 مرشحاً، زرقاء بامتياز، يلوّنها فقط مرشح جنبلاط فيصل الصايغ. منذ البداية فكّ التحالف الممكن بين “المستقبل” وباسيل منعاً لتشتّت الاصوات، حيث يعيش المرشحون السنّة، باستثناء الحريري، رعباً حقيقياً من التأثيرات المحتملة للصوت التفضيلي، دفعَ البعض منهم الى سلوك سياسة غير تقليدية وغير مألوفة في بيروت لاستمالة المرشحين صوتاً صوتاً!
وفي المعلومات أيضاً، أنّ لقاء انتخابياً عُقِد بين الحريري والنائب السابق سليم دياب لإدارة ماكينة “المستقبل” الانتخابية في بيروت الثانية، لكنّ الأخير رفض العمل للائحة تضمّ وزير الداخلية نهاد المشنوق.
لائحتا الحريري وحركة “أمل” – “حزب الله” تشتغلان على الموجة نفسها. محاولة رفع نسبة الإقتراع حتى الحدّ الأقصى، مع العلم أنّ الحاصل الانتخابي يتراوح بين 14 الى 15 ألف صوت. وبالحسابات الرقمية، ملامسة نسبة تصويت 50% من الشيعة في بيروت تعني تأمين ثلاثة حواصل انتخابية للمرشحَين الشيعيين ومرشح “الاحباش”، لتتركز المعركة الانتخابية على المقعد الرابع. أمّا تصويت 50% من الناخبين السُنّة فسيدفع “حزب الله” الى خوض معركة حقيقية للفوز بالمقعد الثالث (السُنّي).
معطيات الماكينات الانتخابية الرئيسية في بيروت الثانية تكاد تجزم بحصول “المستقبل” على 6 مقاعد من أصل 11، وفوز “الثنائي الشيعي” بـ3 مقاعد، فتكون المعركة الحقيقية على المقعدين المتبقيين.
وتُظهر استطلاعات احتمالاً كبيراً لخرق رئيس “حزب الحوار الوطني” فؤاد مخزومي بمقعد، فيما المقعد الرقم 11 سيبقى مصيره مرهوناً بنتائج صناديق الاقتراع، مع احتمال، ولو ضئيل، بفوز لائحة صلاح سلام بمقعد، بعد أن نجح الأخير بضمّ مرشح “الجماعة ” عماد الحوت اليها، أو لائحة “صوت الناس”، أو حتى احتمال وضع لائحة “الثنائي الشيعي” يدها على المقعد الرابع.
وتواجه لائحة ابراهيم منيمنة عقبات عدّة منعت تشكيلها حتى الآن، فيما أدّى فشل التفاوض بين صلاح سلام والوزير السابق اللواء أشرف ريفي، بسبب رفض الاول بنحو قاطع ترشيح زياد عيتاني على اللائحة، الى إعلان ريفي أسماء أعضاء “لائحة المعارضة البيروتية”، بشكل غير رسمي، وتضمّ عن السنّة: زياد عيتاني، ياسين قدادو، اكرم سنو، عامر اسكندراني. وعن المقعد الارثوذكسي بشارة خيرالله، وعن أحد المقعدين الشيعيين لينا حمدان، وعن المقعد الدرزي زينة منصور.
أمّا لائحة سلام المكتملة فقد سُجِّلت أمس في وزارة الداخلية وتضمّ: عن السنة: صلاح سلام، مصطفى بنبوك، عماد الحوت، نبيل بدر، بشّار قوتلي، سعد الدين الوزان. عن الشيعة: إبراهيم شمس الدين وسلوى الأمين. عن المقعد الدرزي سعيد الحلبي. وعن المقعد الانجيلي دلال الرحباني. وعن المقعد الارثوذكسي جورج شقير.
ومساء أمس أُعلنت لائحة “كرامة بيروت”، برئاسة القاضي السابق خالد حمود، وتضم: محمد القاضي، جهاد مطر، حنان الشعّار، خلود الوتار، محمد شاتيلا، رجا الزهيري، مخايل مخايل، علي سبيتي.