لم يستمر الهجوم الواسع الذي شنه الجيش السوري وحلفاؤه في الغوطة الشرقية لدمشق أكثر من اربعين يوما تم خلالها حسم الوضع كليا.
في غالبية المدن والبلدات ولم يبق سوى مدينة دوما معقل ما يسمى بـ”جيش الإسلام” التي تدور حولها جولات تفاوض بين ضباط روس وممثلين عن الهيئة المحلية في دوما فضلا عن ممثلين لتنظيم “جيش الإسلام”، وقد بدأ الجيش السوري هجومه في منتصف شهر شباط الماضي وعمل على تقسيم مناطق نفوذ وسيطرة الجماعات المسلحة الى ثلاثة أقسام، وبذلك أصبح قطاع احرار الشام في حرستا مفصولا عن قطاع فيلق الرحمن في جوبر، والمحوران مفصولين عن قطاع جيش الإسلام في دوما وبذلك سهلت عملية التفاوض مع كل فصيل لوحده منعا للضغوط الخارجية التي كان يأتي أكثرها من السعودية وتدعو المسلحين لعدم وقف القتال مهما كلف الأمر.
وقد بدأ هجوم الجيش السوري على البلدات المتوسطة والصغيرة التي تعتبر سلة الغذاء للمدن الثلاث الكبرى دوما وحرستا وجوبر، وهذه المدن هي (النشابية، حوش الظواهرة، بيت نايم، الأشعري، بيت سوا، مديرا، مسرابا، عبن ترما، حزو، حمورية) في وقت ظهرت فيه خلايا نائمة تابعة للجيش السوري في كل من (كفر بطنه وجسرين وحمورية وسقبا وعين ترما) يقودها الشيخ بسام دفضع وهو محسوب على التيارات الصوفية في الغوطة وعملت هذه الخلايا على إظهار الرفض الشعبي في الغوطة لمواصلة القتال ضد الجيش السوري وشكلت غطاء وحامية لتحركات ومظاهرات شعبية طالبت بدخول الجيش السوري الى تلك البلدات”.
في خطط المعركة تشرح مصادر ميدانية في حديث لـ”موقع العهد الإخباري” عن قصف مكثف لطرق إمداد المسلحين فضلا عن تدمير غالبية مخازن الأسلحة القريبة من خطوط المواجهة بناءً على معلومات دقيقة جمعتها أجهزة المخابرات السورية من مخبرين على الأرض داخل مدن ومناطق الغوطة، فضلا عن معلومات جمعت عبر الرصد الجوي منذ أكثر من سنتين، وكشفت المصادر الميدانية أن “أحرار الشام كانت تنقل مخازن الأسلحة التي تملكها كل ثلاثة أشهر حفاظا على عدم تسرب معلومات عن مكانها وقصفها” وأضافت: “تم رصد تحركات لسيارات نقل في حرستا خلال شهر كانون الثاني، كانت حركة احرار الشام تنقل عبرها بعض مخازن الذخيرة وتوزعها في ملاجئ الأبنية وبين البيوت السكنية، وذلك بعدما تيقنت من إقتراب بدء هجوم الجيش السوري وحلفائه”.
وكشفت المصادر الميدانية في حديثها الذي خصت به “موقع العهد” أن “الجيش سرّع في عمليات القصف الجوي وأخذ وقته في تنفيذها مركزا على طرق الإمداد حتى يمنع الفصائل من تغيير اماكن مخازن السلاح التي اكتشفت المجموعات المسلحة أن الجيش السوري لديه معطيات جيدة جدا حول أماكن وجودها والطرق التي يتم عبرها تزويد خطوط الجبهات بما تحتاجه من الذخائر والسلاح”.
وأشارت المصادر الميدانية إلى “عجز جيش الإسلام واحرار الشام عن استخدام مخزون صواريخ التاو المضادة للدروع التي تمتلكها بسبب تدمير المخازن القريبة من خطوط الجبهات الأولى ورصد طرق الإمداد من قلب القرى والبلدات والمدن الى خطوط المواجهة”. مؤكدة أنه انه “بعد أسبوعين من بدء الهجوم بدأت تظهر إنشقاقات داخل الفصائل خصوصا لدى احرار الشام وفيلق الرحمن، وقد ساهم بعض المنشقين في مساعدة الجيش على التقدم وفي إرشاده اثناء تقدمه لتجنب نقاط الكمائن وحقول الإلغام في القرى وفي الأزقة الضيقة للبلدات”.
المصادر الميدانية قالت إن “المعلومات التي كانت تجمعها أجهزة الأمن السورية من داخل الغوطة كانت كلها تشير إلى وجود نقمة شعبية كبيرة على الفصائل المسلحة التي كانت تحتكر المواد الغذائية والأدوية وتبيعها بأثمان باهظة للناس”. وأضافت أنه “في بداية الهجوم وصل سعر الكيلو الواحد من مادة السكر الى عشرة آلاف ليرة سورية والرز الى خمسة عشر ألف ليرة سورية، ويوم دخل الجيش السوري الى البلدات والقرى فتحت الناس مخازن ومستودعات المسلحين المليئة بالمواد الغذائية والتي شكلت تجارتها واحتكارها موردا مهما من الموارد المالية للفصائل”.
وأشارت المصادر إلى “غياب العمليات الإنتحارية من ساحة المعركة حيث لم تنفذ سوى ثلاث عمليات قامت بها “هيئة تحرير الشام ـ النصرة”، في وقت خلت جبهات “جيش الإسلام” و”فيلق الرحمن” و”أحرار الشام” من هذا النوع من العمليات، وهذا يعود إلى فقدان العنصر البشري المستعد للتضحية حتى النهاية لدى هذه الفصائل، بينما كانت جبهة جوبر أكثر الجبهات التي وجد فيها ألغام وكمائن مفخخة”.
وقالت المصادر إن “كميات السلاح والذخائر التي تركها المسلحون تكفي للقتال لأشهر طويلة من دون الحاجة إلى إمداد خارجي، ويبقى الكم الأكبر من السلاح والذخائر لدى “جيش الإسلام” في دوما.
ومن المعروف أن هذا الفصيل بنته السعودية وكانت حتى فترة قريبة تشرف على تمويله وتزويده بكل ما يحتاج، لذلك يعتبر هذا الفضيل الأغنى بين كل فصائل الغوطة على الإطلاق، وسوف تشكل نهاية وجوده في ريف دمشق مرحلة الإعلان غير الرسمية عن هزيمة الإرهاب في سوريا”.
“لقد شكل الإنتصار السريع والكبير في غوطة دمشق الشرقية نهاية الخطر الجدي على العاصمة السورية وعلى الدولة في سوريا” تختم المصادر الميدانية كلامها.