ما زالت المساعي الآيلة إلى تشكيل الحكومة المرتقبة تدور في حلقة مفرغة، وبات واضحاً أنّ ثمة استحقاقات داهمة تحمل الكثير من الدقة يترقّبها لبنان والمنطقة وعلى ضوئها يُبنى على الشيء مقتضاه إنْ على صعيد تشكيل الحكومة أو على مستوى ملفات أخرى. ولهذه الغاية تبقى معركة إدلب الملف الأهم على المستويين الإقليمي والدولي وأصبح محسومًا أنّ تشكيل الحكومة له صلة أساسيّة بهذه المعركة، خصوصاً وأنّ هناك مسؤولين لبنانيّين يُعرِبون عن تخوّفهم من أنْ تكون إدلب منطلقاً لمزيد من الانقسام على الساحة الداخليّة، وفي حال لم تشكَّل الحكومة في هذه المرحلة فثمة استحالة لتشكيلها أمام هذا الكباش الدولي حول إدلب والذي بدأ يأخذ منحىً تصاعدياً تداعياته ليست فقط على لبنان بل على المنطقة بأسرها.
أما في جديد مسألة التأليف يُنقل عن بعض المطّلعين على مسار الاتصالات أنّ لقاء موفد الرئيس المكلّف سعد الحريري الوزير غطاس خوري مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أزال الكثير من الالتباسات والخلافات. وبالتالي تشير المعلومات إلى أنّ خوري نقل لرئيس الجمهوريّة ما مفاده أنّ هناك عتباً من الحريري على فريق رئيس الجمهوريّة وبعض المسؤولين في “التيّار الوطني الحرّ” الذين شنّوا حملات على الرئيس المكلّف وحاولوا الإساءة إلى علاقته به، وهذا لا يفيد في شيء سوى اتساع الخلافات ولا سيّما أنّ البلد لا يحتمل. وبالتالي ما زال الحريري حريصاً على علاقته برئيس الجمهورية وهو ما أكّد عليه مراراً. وهو مصرٌّ على أنْ تبقى العلاقة بينهما في أفضل حالاتها، من هذا المنطلق فإنّ هذه الجلسة ساهمت كثيرًا في كسر الجليد وعودة الاتصالات إلى ما كانت عليه بعدما توضّحت بعض الأمور. ونقل خوري إلى الحريري حرص الرئيس عون على مواصلة الاتصالات والمشاورات وأنه بانتظاره ليقدّم إليه صيغة حكوميّة وهو يعرف ما هي مآخذه على هذه التشكيلة.
ويبقى أنّ المعلومات تشير أيضاً إلى أنّ مآخذ الرئيس عون على التشكيلة باتت محصورة في ضرورة عدم تمثيل رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط بالحصّة الدرزية كاملةً وبأنْ يكون لـ”القوّات اللبنانيّة” ثلاث حقائب مع وزير دولة، في حين أنّ المعضلة وأمام هذه الاعتراضات والمآخذ تبقى في مكانها بمعنى أنّ الحريري متمسكٌ بحصة جنبلاط كاملةً وكذلك وقوفه إلى جانب “القوّات” وليس بوسعه أن يتخلّى عن هذين الحليفين. ما يعني أنّ الأوضاع ما زالت تدور في حلقة مفرغة وفي غضون ذلك ووفق المطّلعين ليس هناك من حكومة في المدى المنظور.