بيروت – جزيرة في النار / دكتور عباس

كانت الإستهدافات الجوية الإسرائيلية تعتدي على البنى المدنية للبنان في المناطق التي تُسمى “الضاحية الجنوبية لبيروت”. وهي حقيقة في بيروت. إذ إن بيروت الكبرى قد تصل إلى الدوحة جنوبًا وبعبدا شرقًا والدورة شمالًا.

كانت التحذيرات والتدميرات تجري ليلًا، عند الساعة 21:15 على وجه التحديد، حيث الناس في البيوت والمآوي. لكنّ المشهد يتبدّل مع العملية السياسية العوصاء وتتطور من الليل إلى النهار، فالآن يُقدم المجرم على تحذير البنى المدنية في عين الشمس، الناس في مؤسساتهم وبعض الطلاب في مدارسهم.

وعندما نقول مؤسسة ومدرسة يعني كل الطواقم وفرق العمل هي في الطرقات وخارج المنازل والبيوت، فالمؤسسة فيها عمالها والمدرسة فيها طلابها ومعلموها، وما بين المؤسسة والمدرسة آلاف المدنيين في الطرقات يسعون لأرزاقهم وأشغالهم.

ما الهدف من التدمير الإجرامي للبنى المدنية؟

هذا الأسلوب الهمجي في التدمير له عدة نتائج منها:

1.إرعاب المدنيين في المناطق المستهدفة وما حولها، والأهم بيروت.

2.تدمير ممنهج للبنى التي يستهدفها العدو المجرم.

3.توسعة الجغرافية التدميرية للمناطق مما يجعل المساحات الخالية من البشر أكبر، وبنفس الوقت تكون بيروت مساحة ضيقة جدًا خارج الإستهداف.

4.محاصرة بيروت (وهذا هو الهدف الأول) ناريًا، وجعل بيروت جزيرة تُحيط بها نيران العدو وهمجيته وغوغائه، فيبقى سكانها محاصرين فيها.

5.تهجير شيعة لبنان من مناطقهم في مقابلة لما يفعله حزب الله في “إسرائيل”.

6.ورقة قوة في وجه المفاوضات، ولا ننسى أن الولايات المتحدة هي الناطق الرسمي بإسم إسرائيل، وأنها هي من يقوم بالإستخبار والإستعلام وأنها هي من يتولى قيادة العمليات العسكرية له.

ما المتوقع بعد ذلك؟

المتوقع من عدو قاتل سفاك للدماء التالي:

1.تقطيع أوصال بيروت التي تصلها بالمناطق حولها، فاليوم يضرب جنوبها وغدا شرقها.

2.الإقتراب من بيروت العاصمة وإسماع ساكنيها لأصوات الصواريخ وإنهيارات المباني.

3.دب الرعب في قلوب الناس من جديد وإرسال رسالة: أنتم لستم في أمن ولا أمان.

هذه الطريقة الإسرائيلية ليست بجديدة، فهو قد قام عليها أصلًا من أول مجزرة شنيعة (التي حصلت في حولا 1948) إلى يومنا هذا. إذ إن هكذا وحشًا مسعورًا يقوم بضرب العازل والبطش بالمدني وترويع الآمن ليصنع لنفسه صورة نكراء وإرساء مفهوم أنه جيش عظيم جرار لا يهاب أحدًا ولن يستثني أحدًا.

أين المقاومة؟

عند الحدود اللبنانية، معارك عنيفة جدًا بين المقاومة اللبنانية الإسلامية في حزب الله ضد جيش اللقطاء، فما يلبث أن يدخل بيتًا حتى تنسفه المقاومة فيخرّ عليهم السقف من فوقهم، ويُبدل حزب الله دنياهم بجهنّم.

 

وما أن يحاول العدو من تقدم بري أو توغل أرضي إلا ورأى المقاومة اللبنانية الإسلامية قد أدخلته في حقول الألغام المتفجرة وأعدت له العدة وكانت سابقة له في تخطيطه وتنفيذه.

بطبيعة الحال، ما لم يستطع على فعله في العسكر، وما عجز عن نيله في البر، يلجأ أبناء اللقطاء إلى استهدافات البنى المدنية من جديد.

وها هم اليوم .. يقتربون من بيروت، اليوم في الغبيري، شاتيلا ومفرق الطيونة، وغدًا ستتقدم إستهدافاته أكثر فأكثر.

المأمول ..؟

قد يلجأ حزب الله على العمل بالمثل، فسوف يختار بناية في تل أبيب، وينشر تحذيراته حولها، ويقول للمستعمرين: أخلوا هذه البناية وما حولها في دائرة قطرها 500 متر حتى لا يمسكم الأذى. وسوف يستهدفها ويدمرها ويرى العالم أجمع كيف تنهار.

هذا الفعل المتوقع قد كفيلًا لشد رسن البهيمة المتلبطة قليلًا وإفهامها أنها تتحارب مع قوم أعزاء جبارين لا يخافون إلا رب العزة سبحانه.

المطلوب؟

إصبروا وصابروا ورابطوا واعلموا أن الله مع الصابرين.

إن لم يكن هناك مخرج للأزمة فإن الله يقول: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا

وإذا لم نرَ اليُسر في الأمر فإنه سبحانه يقول: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا

اللهُ خيرٌ حافظًا وهو أرحم الراحمين.

 

شاهد أيضاً

الإتفاق الجديد .. إستسلام بأبهى حُلة / دكتور عباس

في لبنان، استباحة شاملة كاملة لأراضيه ومائه وبره وبحره وجوّه وفضائه وسمائه واتصاله وجيشه وشعبه …