6 أيّار… التعادل السلبي

لا شك أنّ ثقافة جديدة أضيفت إلى القاموس الإنتخابي. ثقافة أنتجت حيوية وتفاعل وقد تكون بداية تأسيس لحياة سياسية جديدة، فالطوائف في لبنان نجحت بشكل أو بآخر أن “تتقمص” أو تلبس لبوس الأحزاب. وبالتالي فإنّ اللغة التي استخدمها بعض  الاحزاب والتيارات لا سيّما “تيار المستقبل” و”التيار الوطني الحر” على وجه الخصوص، لم تكن لغة سياسية حضارية تنافسية بقدر ما كانت تحريضية مذهبية تغرف من الماضي بدل النظر إلى المستقبل.

 

وبمعزل عن الأحزاب العلمانية التي لا يعطيها القانون الحالي حجمها الطبيعي رغم اعتماد النسبية، فإن هذه الانتخابات المرتقبة يوم الأحد المقبل ستظهر الحجم الحقيقي لكل فريق من دون أوهام. فميزان السادس من أيّار كفيل بتحديد وزن المكونات السياسية.

 

أبرزت هذه الإنتخابات بتحالفاتها الغريبة – العجيبة منطق التعادل السلبي الذي حكم البلد منذ العام 2005 حتى اليوم، والذي سيعيد إنتاج نفسه من دون أوهام والى مزيد من المراوحة. ويتمثل ذلك، بتضخم كتلة القوات اللبنانية من جهة، التي قد تتراوح حصتها بين 11 و15 نائباً، في حين أنّ عدد نواب “التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل” مع بعضهما البعض قد يبلغ نحو 40 نائبا. فبحسب الخبراء الإنتخابيين لن تتعدى حصة “لبنان القوي” 19 مقعدا، والكتلة الزرقاء 22  مقعداً. بيد أنّ “حزب الله” سيؤمن مع حلفائه أكثر من الثلث. فحصة الثنائي الشيعي ستتراوح بين 26 و27 نائبا. وإذا أضيف إليها المقاعد المقدرة بـ 19 لحلفاء حركة أمل وحزب الله، فبالإمكان تشكيل تكتل متوازن ومتماسك وصلب أمام تشرذم الكتل الأخرى، لكن حدود المناورة لهذا العامل النوعي ستبقى محدودة في ضوء الحاجة إلى الآخر لا سيما أن الحلف نفسه (حزب الله – حركة أمل وحلفائهما) بلغ عدد نوابه 57  العام 2005.

 

والسؤال الذي يطرح، على ماذا سيستقر المشهد في المرحلة المقبلة، لا سيما أن القوى السياسية قد نعت 8 و14 آذار؟

 

 

تتردد في الأوساط السياسية مقولة أنّ التيارين البرتقالي والأزرق سيشكلان كتلة موازية وموازنة لحزب الله وحلفائه، وأن حزب القوات سيلعب دور  بيضة القبان، فالدكتور سمير جعجع يعتبر من الموالين للعهد، فهو من جهة شريك في إيصال العماد ميشال عون إلى سدّة الرئاسة وفي الوقت نفسه يقف معترضاً على سياسات الوزير جبران باسيل ما تقدم لا يعني تراجع دور النائب وليد جنبلاط وموقعه، فحصة اللقاء الديمقراطي(9 نواب) ستبقى مؤثرة في أية أكثرية أو أقلية قد تتشكل في المرحلة الثانية من عمر العهد، من منطلق أنّ حجم المختارة السياسي تحدده اللعبة السياسية.

 

من المؤكد أنّ لبنان سيدخل بعد الإنتخابات مرحلة جديدة تخلط الأوراق، فثبات الرئيس سعد الحريري في تحالفه مع رئيس “التيار الوطني الحر”، لا يعني أنّ الشيخ سعد سيكون مرتاحاً في الحقبة المقبلة. فهناك وقائع جديدة فرضها القانون النسبي الذي أعطى من يعتبرهم رئيس المستقبل خصوماً له حضورا بارزاً. وبحسب الخبراء ستفوز في دائرة الشمال الثانية (طرابلس- المنية – الضنية) لائحة العزم برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي بنحو 4 مقاعد، ولائحة الوزير أشرف ريفي بمقعدين، ولائحة الكرامة الوطنية بمقعدين، فضلاً عن فوز النائب السابق أسامة سعد في دائرة صيدا- جزين، ورئيس جمعية المشاريع عدنان طرابلسي في دائرة بيروت الثانية، والوزير السابق عبد الرحيم مراد في دائرة البقاع الغربي- راشيا، ورئيس حزب الحوار فؤاد مخزومي في دائرة بيروت الثانية.

 

وسط هذا المشهد، فإن البازل الجديد سيبقى مرتبطاً بالأولويات الداخلية والإصطفافات الخارجية والصراع الكبير في المنطقة، وقد يجد تموضعات وسطية جديد

شاهد أيضاً

من وين جايب هالخبرية؟.. هذا ما كشفه يعقوب عن حزب الله 

أكد الكاتب والمحلل السياسي محمد يعقوب على أن التقلب بمواقف ترامب دليل على عدم الجدية …