🇱🇧🌐🇱🇧هل ينجو الإقتصاد اللبناني من قلب العاصفة؟…سلامة يجيب
كتب حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة، مقالاً في صحيفة “The Parliament”، تحت عنوان “هل ينجو الإقتصاد اللبناني من قلب العاصفة”؟، جاء فيه:
يرى الجميع دون استثناء ملامح عاصفة تلوح في الافق وتهدّد بانهيار مالي واقتصادي في لبنان, الذي يعيش في ظلّ أزمات متعددة وفي محيط مأزوم وهو الأكثر تأثرا بأحداث العالم السياسية والمالية والاقتصادية التي تحول دون خروجه من وضعه الصعب على الدوام.
وبحسب ما كشفته وكالة “بلومبرغ” الأميركيّة عن صندوق النقد الدولي قوله إنّ الاقتصاد اللبناني يتجه في مسار لا يُمكن تحمّله، مما يتطلّب تحركاً طارئاً لاستعادة ثقة المستثمرين، والتشدّد في الحركة المالية العامّة كما أشار الصندوق إلى حجم القرارات المكلفة سياسياً، التي يجب على لبنان اتخاذها من أجل إنعاش اقتصاده.
ان تقييم الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان يعود لأسباب عديدة منها العجز المرتفع بميزانية الدولة والذي بلغ 11 بالمئة من الناتج المحلي بما يعادل 6 مليار دولار سنويا وهذا الارتفاع اتى بعد اندلاع الازمات في محيط لبنان لاسيما الازمة السورية المستمرة منذ العام 2011، والتي أثرت سلباً في كافة قطاعات الاقتصاد اللبناني وسيبقى يعاني خلال هذا العام من تداعيات التوترات الجيوسياسية التي لا تزال تشكل عبئاً على النشاط الاقتصادي الا في حال اتخذت الدولة اجراءات كتخفيض حجم القطاع العام ليستطيع الاقتصاد اللبناني تحمل ميزانية الدولة مع العلم ان ارتفاع العجز من مستويات كانت قبل الحرب السورية 3.5 مليار دولار الى وضعه الحالي لم ينتج عنه نمو بل ازداد العجز في مقابل انخفاض عملية النمو الاقتصادي.
أما على الصعيد النقدي والمالي فاستطاع لبنان الحفاظ على استقراره بالرغم من كل التقارير السلبية التي صدرت بكثافة منذ عام 2015 نظرا لحجم لبنان الاقتصادي والمالي مما يشير الى حملة على الاستقرار النقدي الموجود في لبنان وبالرغم ذلك ارتفع حجم الودائع في لبنان ب 7.5 عام 2018 ولم يؤخذ بعين الاعتبار ارتفاع ودائع الغير مقيمين وذلك تبعا لقواعد صندوق النقد الدولي.
اما الضغط الذي شعر به لبنان تمثل بارتفاع الفوائد بحيث ازداد التعامل بالدولار ولكن هذه الزيادة لم تؤثر على موجودات مصرف لبنان لأنه استمر باستقطاب الدولار الى محفظته.
لبنان دفع ثمن الحرب السورية بصعوبة من خلال توقف حركة التصدير البري وتحمل كلفة اللاجئين في كافة المجالات التي بلغت 14 مليار دولار وايضا ساهمت هذه الازمة بهروب رؤوس الاموال العربية من لبنان.
وفي ما يتعلق بالعقوبات على حزب الله الصادرة من الولايات المتحدة الاميركية و بريطانيا, فهذه القوانين لن تؤثر على المصرف المركزي وذلك لأنه اتخذ قرارات مسبقة ووضع اليات عمل جنبته تداعيات هذه العقوبات ولبنان يحترم القرارات الصادرة عن الدول عندما يتعاطى بعملتها وهذه الدول ابدت ارتياحها لطريقة تعامل المصرف المركزي مع هذا الامر وطبعا لم يظهر تأثير يذكر لهذه العقوبات على الوضع المالي والمصرفي اللبناني وتبقى العقوبات سياسية أكثر منها مالية تطبيقية.
ان القطاع المالي والاقتصادي في لبنان يعيش على التحويلات و اي مساس بهذا الامر سيمنع تمويل لبنان, فسنويا يصل الى لبنان من المغتربين ما يقارب 7 مليار دولار هذا عدا عن الحركة التجارية بين لبنان والخارج التي تصل الى حدود 19 مليار دولار سنويا وكما نلاحظ فالاقتصاد اللبناني مدولر بمعنى انه اذا ما ضعف الدولار في السوق انتهى الاقتصاد في لبنان.
وفي سياق متصل زار لبنان منذ ايام السفير بيار دوكان المفوض بتنسيق مقررات مؤتمر سيدر الذي اكد لجميع من التقاهم ان أموال سيدر متوفرة فور تنفيذ بعض الاصلاحات التي تمنى على الدولة القيام بها في بعض اجهزة الدولة المعنية كشركة الكهرباء ومطار بيروت الدولي اضافة الى قطاع النقل والمواصلات وذلك من اجل اعطاء الثقة للمقرضين.
نظرا لكل ما تقدم يبقى الوضع المالي والنقدي والاقتصادي اللبناني مستقر رغم كل الظروف الداخلية والخارجية وسيتحسن اذا ما نفذت الحكومة ما تعهدت به في بيانها الوزاري بشقه المتعلق بالإصلاحات الاقتصادية.