الرسوم الجمركية على الاستيراد: الإنجاز لم يكن سوى زوبعة في فنجان!

تحت عنوان الرسوم الجمركية على الاستيراد: الجباية أولاً… وآخراً!، كتب محمد وهبة في “الأخبار”: فرض مجلس الوزراء رسماً جمركياً على الاستيراد بنسبة 2%، وألغى تخصيص 35% من الإيرادات الناتجة من هذا الرسم لدعم الصناعة. نوقش الأمر في عدد من الجلسات بعقلية الجباية لتأمين 450 مليار ليرة سنوياً للخزينة. كذلك أقرّ المجلس رسوماً حمائية على 20 سلعة مستوردة تعرّض المنتجات اللبنانية للإغراق.

كان لوزراء حزب الله وحركة أمل وتيار المردة موقف سلبي من الأمرين، على اعتبار أن الأجدى تحديد السلع المنتجة محلياً ودعمها بفرض رسوم حمائية على الواردات المماثلة حتى يصبح مردود الضريبة على الصناعة أكبر من كلفته على المستهلك… قلّة عدد الوزراء المعترضين أفضت إلى إقرار الرسوم بعقلية الجباية وتحسين عجز الخزينة فقط!

“كان هناك خيار بديل يقضي بفرض رسم جمركي بمعدل 10% على السلع المستوردة التي لها مثيل منتج محلياً وتغطّي 60% من حاجات السوق الاستهلاكية”. هذه العبارة وردت بشكل مبتور في كلمة رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل في المؤتمر الصحافي الذي عقد أمس في مقر جمعية الصناعيين. فالجميل لم يتطرق إلى أسباب سقوط هذا الخيار، فيما تجاهل الحديث عنه وزير الصناعة وائل أبو فاعور، ووزير الاقتصادمنصور بطيش. عند هذا الحد، بدا أن “الإنجاز العظيم” وفق تعبير الجميل، محصور بـ”فرض رسم جمركي بمعدل 2% على الاستيراد، وبتخصيص 35% من إيراداته لتحفيز القطاع الصناعي ودعم قطاع الإسكان”، وبـ”تضمين مشروع الموازنة العامة رسوماً نوعية على 20 سلعة مستوردة تغرق السوق اللبنانية وتقضي على صناعات لبنانية مماثلة”.

فرحة الصناعيين لم تكتمل بما اعتبره الجميل “إحقاقاً للحق وإعادة الاعتبار لصناعتنا وصناعيينا واقتصادنا الوطني». فهم فوجئوا بقول أبو فاعور: «إن التخصيص سقط ولم يوافق عليه مجلس الوزراء”.

ما الذي تبقى من “الإنجاز”؟ يقول أحد الصناعيين الحاضرين في المؤتمر الصحافي، إن إلغاء تخصيص جزء من الواردات لدعم الصناعة، كان بمثابة “لكمة الضربة القاضية. فنحن لسنا مع زيادة رسم بمعدل 2% يشمل كل الواردات، بل مع زيادة الرسم على سلع منتقاة. إذا كان الهدف هو تخفيف عجز الموازنة حصراً، فهذا يعني أن كل الجهود التي قمنا بها ضاعت سدى”.

إذاً، الإنجاز لم يكن سوى زوبعة في فنجان. فالاقتراح بصيغته التي أقرّت، لا يشكّل سياسة حمائية للإنتاج المحلي، بل هو ضريبة جديدة تطاول المستهلكين بشكل مباشر. هو زيادة مقنّعة لضريبة القيمة المضافة. كلفتها لن تكون على عاتق التجّار، بل على عاتق المستهلكين.

الفائز الحقيقي هم التجّار. التغطية على فوزهم جاءت على لسان أبو فاعور. فقد قال: “لقد مصّوا ما مصّوه من دم اللبنانيين واعتبروا أن هناك اعتداء على التجارة”، واصفاً التجار بأنهم “متغوّلون”. وأشار إلى أن القرارات المتخذة هي “قرارات استراتيجية تمثّل رؤية جديدة للاقتصاد، وآمل أن تشكل قطيعة مع النظرة الاقتصادية القديمة، وأن يؤسس قرار فرض الرسوم النوعية على المستوردات لمرحلة جديدة لكل القطاعات الإنتاجية”.

شاهد أيضاً

مجازر إسرائيل = عدالة السما كتير قوية/دكتور عباس

بسم الله الرحمن الرحيم إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ …